التصنيفات
عيادة الكتب

ماذا أقرأ في أدب السجون؟

تسعة أعمال نجحت في نقل معاناة السجن

زنزانة السجن هي حيز ضيق يتسع للعديد من الهموم النفسية البشرية. تثير بين جنباتها قضايا السلطة والحرية والعار والتوبة والذاكرة والأمل والمعنى.

في عالمنا العربي لأدب السجون شعبية أكثر من أي ثقافة أخرى بسبب كثرة الاعتقالات التعسفية، التي لا تفرض قسوتها على المجرمين فقط، بل على المواطن العادي الصالح بسبب آراءه السياسية، أو حتى مجرد كلمات نطق بها واعتُبرت تهديدًا. يزيد من أهمية هذا الصنف من الأدب ما يلقاه المعتقلون من صنوف التنكيل والتعذيب التي تجعل من الضروري نقل هذه الصورة للعالم. لم تنجح كل هذه الأعمال، رغم غزارة الإنتاج وعمق التجربة، على إيصال هذه المعاناة للعالم بسبب الضعف الأدبي لبعض من كتب في هذا النوع.

فيما يلي بعض الأعمال التي نجحت بقوة في نقل معاناة الحبس وقسوة السجون، عسى أن تكون ملهمة لنقل تجارب أخرى، ومن ثم فتح عيون العالم على هذه المأساة. (لن نقول “أهم” أو “أفضل” لأن هذه ليست منافسة، وكل عمل نقل التجربة بطريقة لا تغني عن البقية)

بيت الأموات، فيودور دوستويفسكي

أمضى دوستويفسكي أربع سنوات في سجن سيبيريا في أومسك في خمسينيات القرن التاسع عشر، حيث كان يؤدي الأشغال الشاقة ويداه وقدماه مكبلتان بالأغلال، وقد أشار إلى هذه التجربة في العديد من أعماله. تحكي رواية منزل الأموات قصة ألكسندر جوريانتشيكوف، الذي قتل زوجته واختبر صحوة روحية خلال العشر سنوات التي أمضاها في معسكر الأشغال الشاقة. الرواية مشبعة بتجربة دوستويفسكي المباشرة، ونقله لتجربة السجن مؤثر- كما هي عادة هذا الكاتب العبقري.

الربيع في مرآة مكسورة، ماريو بينيديتي

بعد انقلاب عسكري وحشي، وجد سانتياغو نفسه سجينًا سياسيًا في مونتيفيديو. نشكل تصورًا لقصته عبر لمحات مشتتة عن زنزانته في السجن المسمى “المحرر” -للمفارقة-، وحياة عائلته وهم يتأقلمون مع أهوال المنفى في بلد بعيد. كان ماريو بينيديتي المحرر الأدبي لصحيفة مارشا في أوروغواي حتى أغلقت الحكومة العسكرية الصحيفة عام 1973 ووجد نفسه في المنفى.

شرق المتوسط، عبد الرحمن منيف

تتسم عبقرية الرواية بأنها لا تحدد السجن الذي تجري فيه الأحداث، ولا زمانها؛ بل هي عامة تنطبق على مجمل معتقلات الدول العربية. مع ذلك، جعلت دقتها وحساسيتها جميع الأنظمة العربية تتلفت حولها ظن منها أنها المقصودة.

الظلام عند الظهر، آرثر كويستلر

يُسجن روباشوف، الثوري السوفيتي الغاضب، أثناء حملة تطهير سياسية، وينتظر محاكمته الصورية وإعدامه. رواية كويستلر هي دراما عن سيكولوجيا السجون، وانتقاد شديد للحكومات الشمولية. كتب جورج أورويل: “بما أن هذا الكتاب رائع كرواية وكجزأ من أدب السجون، ربما يكون الأكثر قيمة كتفسير لـ “اعترافات” موسكو من قبل شخص لديه معرفة داخلية بالأساليب الشمولية”. كان كويستلر نفسه في السجن عندما ظهر الكتاب لأول مرة.

النفق، إرنستو ساباتو

في زنزانته في السجن، يتذكر الرسام خوان بابلو كاستل هوسه بالرائعة ماريا إريبارن، والذي أدى في النهاية إلى مقتلها. رآها لأول مرة في أحد معارضه الخاصة، وتوصل إلى أنها قد تكون الشخص الوحيد القادر على فهمه. رُفضت هذه الرواية المظلمة والوجودية من قبل العديد من المحررين قبل نشرها في المجلة الأدبية الرائدة Sur. عمل كامو على ترجمتها للناشر الفرنسي، وأشاد بها توماس مان وجراهام جرين بشدة.

يوم واحد في حياة إيفان دينيسوفيتش، ألكسندر سولجينتسين

استنادًا إلى تجارب الكاتب الخاصة في معسكر العمل السوفيتي في كازاخستان، تصف هذه الرواية يومًا واحدًا في حياة سجين يقضي عقوبة بالسجن لمدة 10 سنوات: نظام شاق من العمل اليدوي في طقس متجمد، ونظام عقاب وحشي. يختتم الراوي “كان هناك 3650 يومًا مثل ذلك اليوم في امتداده”. كانت هذه الرواية أول تقرير عن معتقلات الغولاغ ينشر داخل الاتحاد السوفيتي.

القوقعة، مصطفى خليفة

مزيج بين تجربة الكاتب الشخصية وقصص معتقلين آخرين. في وقت كتابة هذه القائمة صارت الرواية قراءة أساسية لأي عربي يقرأ عن السجون والاعتقال السياسي. رواية كابوسية قاتمة عن الاعتقال التعسفي الغير منطقي، أساليب التعذيب الوحشية، وما يواجه السجين من تمييز من زملاءه المساجين أنفسهم بسبب انتماءاته.

مذكراتي في سجن النساء، نوال السعداوي

أحد المصادر النادرة للتعرف على القسوة الإضافية التي تتعرض لها النساء في السجون. تتحدث نوال عن تجربتها الخاصة مع الاعتقال، وتسلط الضوء كذلك على ناشطات سياسيات، ومعتقلات جنائيات شاركنها السجن.

الغرفة، هوبرت سيلبي جونيور

يأخذنا سيلبي إلى عقل مجرم مجنون، محبوس في زنزانة ضيقة، يتذكر طفولته العنيفة ويحلم بالانتقام الرهيب من أولئك الذين سجنوه. تشمل الأوهام المفعمة بالحيوية والوحشية الاغتصاب والقتل والتعذيب. الرواية هي نظرة على ما ينتجه السجن من مشاعر الانتقام عند السجناء بدل الندم، وصفها سيلبي بأنها “أكثر الكتب المكتوبة إثارة للقلق على الإطلاق” ولم يستطع إعادة قراءتها إلا بعد 20 عامًا.