التصنيفات
قصص قصيرة

سلام، حب: رجال مسلمون أمريكيون عن الحب والجنس والعلاقة الحميمة

مراجعة كتاب عائشة ماتو ونورا مازنافي عن الرومنسية الإسلامية

كثيرًا ما يجتمع الحب الرومانسي والدين الإسلامي في الخيال الشعبي الغربي وذلك لخلق عنصر أساسي من الغرابة. ويتجلى هذا الأمر بوضوح في الروايات الرومانسية بكثرة المشاهدة الصحراوية وأبطالا متمثلين بدور الشيخ. أظهرت دراسات حول الرومانسية الشعبية اهتمامًا كبيراً بروايات الشيخ الرومانسية واستكشاف موضوعات متعددة للثقافة الشرقية، والخيال السياسي، والعرق (Teo، 2012؛ Jarmakani، 2015؛ Burge، 2016). ومع ذلك، لا يمكن لأي قدر من الإلمام بروايات الشيخ أن يهيأ قارئ روايات الحب الشخصية عن حب السلام الموصوفة في مقدمة الكتاب بقصص المشاعر. عادة ما يستخدم لفظ “السلام” في اللغة العربية كأداة لإلقاء التحية أو الترحيب. وعليه فإن عنوان الكتاب يوحي إلى الترحيب بالحب بطريقة إسلامية ودّية. يبدو أن الكاتبتان –عائشة ماتو ونورا مازناوي- اختارتا لفظ “السلام” بعناية وذلك للإشارة إلى الروابط بين الجنس والقيم الإسلامية والحب. وقد سبق هذه المختارات كتاب “الحب، إن شاء الله: سر حياة الحب للنساء المسلمات الأمريكيات” (2012)، والذي يقدم نهجًا إيجابيًا تجاه القضايا الجنسية والزوجية للمرأة المسلمة. كلا المقتطفين يقدمان مجموعة متنوعة ومتميزة عن “السعادة الأبدية”، والتي تعتمد على الإسلام كعقيدة ومصدر قوي للحب. عبّر الرجال في كتاب “حب السلام” عن رغبتهم في العثور على “الحب الحقيقي”، الذي يتوافق مع دينيهم وثقافتهم. فسعادتهم وحبهم وشعورهم بالإنجاز تعتمد بشكل كبير على هويتهم كمسلمين. سواء كان الأمر يتعلق بالعثور على الشريك المناسب، أو إظهار قوتك في مواجهة الرفض الاجتماعي والشخصي أو أخذ قرار لإنجاب طفل أنابيب، فإن جميع القصص في هذا الكتاب تنقل إيمانًا رائعًا بالقوى العلاجية للدين والتي في النهاية تؤدي إلى تحقيق شعور عميق بالسلام الداخلي والحب.

والأهم من ذلك تأكيد الكاتبتان على أن هذا الكتاب ليس أطروحة لاهوتية، وإنما نافذة يطلع منها الرجال المسلمون الحقيقيون على الجوانب الأكثر حميمية في حياتهم. ويكتسي هذا التوضيح أهمية خاصة لأن التجارب الجنسية والرومانسية التي يتم تناقلها في هذه الروايات الذاتية ترتبط مباشرة مع هوية كل بطل كرجل مسلم في الولايات المتحدة. يبدو أن الكتاب وكأنه مجموعة من القصص اللاهوتية، أو في أفضل الأحوال القصص الملهمة. على سبيل المثال، يتعلم أ. خان التوفيق بين ممارساته الدينية وهويته المثلية بعد علاقته مع شاب جراح ناجح لليلة واحدة. يكتب خان: “إن التعبير المبتذل القائل بأن الله يعمل بطرق غامضة يصبح حقيقيًا فقط عندما تدرك هذه الطرق الغامضة في اللحظات الصغيرة، وفي الأماكن غير المتوقعة، وحتى الأماكن المظلمة”. (113) لكن ما يمنع هذه المختارات من أن تكون عملاً لاهوتيًا خفيًا هو حسها الفكاهي غير التقليدي. يروي المؤلف ستيفن ليبر قصة انفصاله عن صديقته الجميلة غير المسلمة قائلاً: “بحلول شهر كانون الثاني، تركتني من أجل صديقها السابق صاحب البشرة البيضاء، شكل ذلك ضربة لغرور صديقها بلاكمان، وهذا شعور موروث من أيام ستيفن اكس”. يقدم هذا الكتاب نوع من المتعة الخفية التي تجعل المرء يبتسم سرًا في داخله لبضع لحظات. ومن الأمثلة المناسبة هنا وصف هارون موغول الرائع لموعده الغرامي الأول في “حفلة موسيقية، إن شاءالله”. عندما وافقت كارلا الفتاة المعجب بها على دعوته لها إلى الحفلة الموسيقية، يروي هارون أنه وقف هناك مثل بيتر باركر بنجابي، عندما أدرك لأول مرة قدراته العنكبوتية الخارقة”. شعر وكأنه رجل جديد- أطول، وأفضل، وأكثر شجاعة، ذو حلة سمراء. تتجلى أمثلة مختلفة لهذا الحس الفكاهي الساخر إلى نهاية هذه المختارات، وخاصة عندما يتحدث المؤلفون-الرواة عن عرقهم.

ينقسم هذا الكتاب إلى ثلاثة أقسام، “الأمة” و “السيرة” و “الصبر”، تُقرأ هذه الأقسام بالترتيب حيث أنها تنتقل من القصص الهزلية الخفيفة إلى المعقدة عاطفياً. يجد المؤلفون – الرواة في قسم “الأمة” ما تبقى لهم من سعادة أبدية داخل حدود ثقافاتهم الإسلامية المغتربة أو المهاجرة. ومجدداً نرى أن هناك لحظات من الهزل الحقيقي في صياغة المؤلفين للمختصرات: “إن الغلو غير المقيد هو تأثير موثق جيدًا لمتلازمة المهاجر المذعور. وهكذا تربط أمي شيئًا من الانحلال الديني بالانهيار الثقافي بالمجمل، وكما يعتبر مشروب الطاقة ’جولت كولا من وجهة نظرة والدة أحد الأصدقاء أنه تعاطي الكوكايين”(32). في قسم “السيرة”، الحب مرتبط مجازيًا بالرحلة. في قصص مثل “الحب في الربيع”، و”إيجاد الرحمة”، و”في حفلة موسيقية، إن شاء الله”، يمر أبطال الرواية بمراحل درامية ومؤثرة من الحياة للعثور على الحب و/أو السلام في النهاية. يحتوي قسم “الصبر” على أصداء قوية لعمل باولو كويلو السابق، وتحديدًا الخيميائي. ولكن في حب السلام تحمل رمزية الرحلة نبرة إسلامية صريحة، وتسلط الضوء على دور الدين في حياة الرجال المسلمين المهاجرين. هناك محاولة شاملة لتقديم المسلم على أنه إنسان هش عاطفيًا، وإيجابي بشكل مبهج. تتحدى هذه الصورة الذكورية والأبوية والمهيمنة للرجال المسلمين في الثقافة الشعبية الغربية. لكن أبطال “حب السلام” الذين يبكون على انفصالاتهم، ويحاولون يائسين العثور على شركاء مؤهلين للزواج – يختلفون عن البطل العنيف والعاطفي ل. م. هول الشيخ. على عكس الشيوخ الأثرياء من ذوي الخبرة الجنسية والعناد المفرط للرومانسية الشعبية الأنجلوفونية، فإن مؤلفي رواية “حب السلام” خجولون، ومترددون في التطرق للقضايا الحميمية. صرحت رواية هسو مينغ تيو في المشاعر الصحراوية: الاستشراق والروايات الرومانسية، أن شاعرية فئة الشيخ قد ساعدت في تكوين نماذج نمطية للقراء الغربيين الغير مطلعين (99-100). من الواضح أن مؤلفي ورواة ومحرري “حب السلام” قد فككوا بشق الأنفس الصورة النمطية للرجال المسلمين من خلال الروايات الرومانسية المتنوعة المقدمة، والتي تُظهر اعتقاداً مشتركًا بالقوة الشافية للحب والإيمان. تُبرز الروايات المتعددة في هذه المجموعة التنوع العرقي والثقافي الموجود في الولايات المتحدة الأمريكية. يقف هذا الكتاب عند مفترق طرق بين الأدب والخيال الرومانسي الشعبي. هناك عنصر سيرة ذاتية ومنظور جنساني وحس دعابة ثقافي دقيق في حب السلام. ومع ذلك، فإن الطريقة التي تربط بها هذه الروايات الاثنتان والعشرون النهايات السعيدة بالنعيم الإسلامي هي في الغالب سمة من سمات الخيال الرومانسي وتمهد الطريق، ربما، لنوع فرعي آخر: “الرومانسية الحلال”.

كتبتها: Javaria Farooqui

ظهرت هذه المراجعة لأول مرة في Journal of Popular Romance Studies وقد ترجمت ونشرت هنا بشكل قانوني

ترجمتها: مروة عيسى

الكتاب الوراد في المراجعة: Mattu, Ayesha and Nura Maznavi (eds). Salaam, Love: American Muslim Men on Love, Sex, and Intimacy. Pp. 248. Boston: Beacon Press