“ما الذي سيحدث لو رفضنا اليوم سلخ تلك الجنسانية عنها وتجريد جمهورها من هيمنته عليها وتملكه لها؟”
يمكن اعتبار هذا البحث المقتضب كتناولات متعددة للأخبار التي تحدثت عن جنسانية رمز كأم كلثوم، يتأمل الكاتب هذه المصادر محاولًا بهذا الجواب عن عدّة أسئلة لا تنحصر في جنسانية شخص أم كلثوم فقط.
تمكنت امرأة رمز كمثلها، وفي زمن مبكر وذهبي من عمر الفن العربي أن تجمع حولها كل الأطياف في العالم العربي، على اختلاف مرجعياتهم وطبقاتهم الاجتماعية، إذ كان صوتها فوق أي اعتبار أو اختلاف آخر.
امرأة موحّدة وبشهرتها، لا بد أن تُثير الكثير من الأقاويل والشك حولها وحول كل ما يخصها ولا سيما “التباس جنسانيتها” التي تحدث عنها الكثيرين، إذ أن جنسانيتها كانت محطًا للنقاش بعدة أشكال، وعلى عدة مستويات، كالتشهير بها، أو التشكيك في مقدار “أنوثتها” سواء من المُنافسات أو ممن أُغرموا بها، أو من جمهورها الذي أراد واستمر بتملك جنسانيتها على اعتبارها “رمزًا عامًا” للبلاد والفن العربي الأصيل وعلى اعتبارها “الست” أم كلثوم.
يعتبر البعض بوجوب بقاء جنسانية “الرموز”، وتحديدًا اللامعيارية منها، بمعزل عن الطرح أو التناول وهذا ما حدث مع أم كلثوم، فلا يمكن حصر هذا البحث في جنسانية أم كلثوم فقط بل هو يتعداه إلى أسئلة أكبر عن اللامعيارية الموجودة على اختلاف المنابت والمجتمعات والرموز.
خصوصية أم كلثوم الرمزية والفنية واللامعيارية الجنسية مكّنت الكاتب من اتخاذها مثالًا للطرح فهي وسيلة وليست مبتغى.
يتطرق أيضًا الكتاب إلى الأخبار التي تناولت مثليتها الجنسية سواءً تحقيرًا أو كمجرد ذكر للشيء، من خلال عدة أسباب كعيشها دون رجل مثلاً، أو ذكرها مرورًا –كما فعل البعض- ولمجرد الانتصار لتلك المشاعر التي يُشك بوجودها متواريةً عن الأنظار، والتي لم تشفع لها عظمة الست لتظهر علنًا.
هذا واحد من الكتب الذي لا يقوم بإعطاء الأجوبة، على العكس تمامًا الكاتب يطرح تساؤلاته في الفضاء العام؛ يستنطق القارئ والجمهور والأخبار المتناقلة، لمحاولة الحصول على أجوبة، والتي يُقرُ الكاتب بصعوبة الوصول إليها -إن وجدت- ولكن لا يمكن تجاوز هذه الشخصية الغامضة جنسانيًا تبعًا لحجم التابوهات التي لم تتكسر حتى اليوم!
صادفتني الكثير من الأصوات التي تنتقد الكتاب لعدة أسباب وهذا حق طبعًا، وأنا متابع لمشروع موسى باهتمام، لأهميته وحاجة القارئ العربي لهكذا أطروحات.
أخيرًا، شكرًا لنزار دبور على أصالة غلافه.
تقييمنا: تحقيق خارج عن المألوف ولكن يحتاج للمزيد من العمل

كتبها: وَرْد خبيّة