بالنسبة لأولئك الذين ليسوا على دراية بـ العادات الذرية لجيمس كلير، فهو أحد الكتب الأكثر مبيعًا حسب النيويورك تايمز 2018. ويعد غلاف الكتاب بالكثير: “إطار عمل مثبت وعملي للتحسن- كل يوم” الاستراتيجيات التي ستعلمك بالضبط كيفية ستكون عادات جيدة وتتخلص من العادات السيئة”، ويصف مؤلفه بـ”أحد خبراء العالم الرائدين في تكوين العادات”.
وبالفعل يقوم هذا الكتاب بعمل جيد في وضع إطار لكيفية تكوين العادات، ويشارك في استراتيجيات عملية لبناء عادات جيدة وكسر العادات السيئة. لكن يعاني الكتاب يعاني من نفس المشاكل التي يبدو أنها ابتليت بها كل كتب المساعدة الذاتية.
الفصل الأول منه مخصص لإعداد توقعات القارئ: “بينما يدعم العلم كل ما كتبته، فإن هذا الكتاب ليس ورقة بحث أكاديمية؛ إنه دليل عملي”. ثم يشرع في عدم الوفاء بوعد الأطر العلمية المؤكدة مع عدد كبير من البيانات التوضيحية غير المثبتة مثل: “سماع عاداتك السيئة التي يتم التحدث بها بصوت عالٍ يجعل العواقب تبدو أكثر واقعية. إنه يضيف وزناً للحركة بدلاً من السماح لنفسك بالانزلاق بلا تفكير في روتين قديم”.
الوظيفة الثانية للفصل الأول – كما هو الحال في العديد من كتب المساعدة الذاتية – هي جعل المؤلف “خبيرًا في الموضوع”.
في الفصل الخاص بعادات التتبع، يشارك المؤلف حكاية عن عادة بنجامين فرانكلين في كتابة يوميات لبناء عادات أخلاقية متسامية. ويتجاهل المؤلف بشكل ملائم حقيقة أن فرانكلين سرعان ما وجد هذه الطريقة غير عملية وتخلى عن المشروع قبل تحقيق غايته. هناك الكثير من السخرية في تضمين هذه الحكاية في فصل يتحدث عن أهمية عدم “كسر السلسلة”. هذه رذيلة شائعة جدًا في كتب المساعدة الذاتية والعلم الشعبي، حيث يعاد رواية الأمثلة بما يتناسب مع نظرية المؤلف، ما يجعلك تشكك في دقة المؤلف الفكرية.
انتقاد آخر لهذا الكتاب هو أنه كان من الممكن أن يكون أقصر. كانت الفصول القليلة الأخيرة ضمن “التكتيكات المتقدمة” التي تتناول موضوع الإتقان هي الأضعف في الكتاب. في حين أن هناك علاقة واضحة بين العادات والإتقان، فإن محاولة الربط مع موضوع معقد مثل الإتقان ربما كان طموحًا للغاية، وهو تكتيك آخر في كتب المساعدة الذاتية حيث يُشط الموضوع لأكثر مما يستحق.
الرسالة الرئيسية للكتاب صحيحة: يمكن للمرء أن يصبح أفضل عبر تخصيص 1٪ فقط كل يوم في شيء ما، لديه القدرة على توليد عوائد تراكمية على المدى الطويل. ومع ذلك، فإن تنفيذ هذا الأمر هو الصعب. إن محاولة الالتزام بعشرات العادات العادية التي تستغرق عشر دقائق لكل منها (وهذا هو تكديس العادات، وهي فكرة رائعة أخرى في الكتاب باستثناء أن BJ Fogg سبقه إليها) يحقق شيئين:
- يسمح للشخص بالتباهي بأنه يعرف الآن كيف يعزف الموسيقى وهو كاتب ورياضي وقارئ وصاحب عمل في نفس الوقت،
- يمنحه دفعة منتظمة من الثقة دون أي تقدم حقيقي نحو حرفة ذات مغزى أو تغيير في نمط الحياة،
بعبارة أخرى، فإن معظم العادات التي تستحق العناء ليست مجرد عشر دقائق. لا شيء يستحق العناء يأتي بسهولة، والاحتراف في مهنة ما يتطلب الكثير من الصبر والعمل الجاد، في حين أن حياة البشر قصيرة، والحياة العصرية مليئة بالمتطلبات، فمن الطبيعي أن يقوم المرء بغربلة اهتماماته عوض محاولة حمل أكثر من بطيخة بيد واحدة.
تستغرق عملية التحسن في شيء ما أكثر من مجرد “الحضور” كل يوم. بالنسبة لمعظم الناس، فإنها تنطوي في الواقع على العرق والدموع، والفشل ثم المحاولة تكرارًا، والتنقل بين الاضطرابات العاطفية. وكلها غائبة بشكل كامل من “العادات الذرية”.
ولم يأتي المؤلف بأي إرشادات للتغلب على أي صراع داخلي في طريق تحقيق عاداته. حتى المثال الافتتاحي للتغلب على إصابته في الكلية يُنقل على أنه نكسة خارجية. أمثلة النجاح في الكتاب بعيدة كل البعد عن الصراع المتأصل في مواجهة الأطر العقلية التي غالبًا ما تعيقنا. بدلاً من ذلك، هناك الكثير من الحلول السريعة: اجعل العادة نفسها واضحة وجذابة وسهلة ومرضية على الفور.
هل نحتاج فجأة لأن نصبح موسيقيين وكتاب وعدائين ورياضيين ومتحدثين، أم أننا نتطلع إلى إحراز تقدم بطيء ولكن ذي مغزى في حياتنا؟ بالتأكيد، هناك قيمة في البدء صغيرًا، وهناك قوة في التعقيد بمرور الوقت. لكن، كن حذرًا: مجرد القيام بعشرات عادات العشر دقائق ثم تقييم أنفسنا بأننا نجحنا من غير المرجح أن يقودنا إلى طريق العظمة. من الأفضل أن نختار عاداتنا بعناية ونطبقها بجدية وعلى المدى الطويل… ليس للحصول على رضا الإنجاز السريع.
تقييمنا: مفيد، لكن لا تثق بكل ما يقوله.