الصفحات القليلة الأولى من هذه الرواية واعدة، ثم تنحدر بشكل مطرد نحو الهاوية. لا شك أن أي كتاب بعنوان مكتبة يجذب محبي الأدب، لكن هذا العمل يدعونا للاعتقاد أن المؤلفة نفسها ليست قارئة متمرسة وتستغل اسم “المكتبة” لنشر عملها (وهذا بالفعل ما وقعت به دار النشر العربية لاختيار ترجمة هذا الكتاب من بين كل الكتب. هل كانت حقوق الكتاب رخيصة مثلاً؟!).
الشخصية الرئيسية، دودي، الغارقة دائمًا في أحلام اليقظة، لديها بعض المشاكل الشخصية على الرغم من أنها تعتقد أن كل شخص آخر لديه مشاكل. تتمحور حول نفسها وتلقي باللوم على الجميع في يأسها. ومع ذلك، تقوم بمفردها بإنشاء “مكتبة مجتمعية عامة” غير مصرح بها في منزلها بأموالها ومواردها. تشتري رفوفًا وكتبًا وأثاثًا لهذه “المكتبة”. تصنع الطعام وتقدم المشروبات لرواد مكتبتها من أموالها الخاصة. وتشتري كتبًا لطفلة تلتصق بها لأنها تذكرها بنفسها، لكنها تنزعج عندما تخبرها إلميرا بأشياء عن والديها لا تتوافق مع ما تعتقد دودي أنه يجب أن يكون سلوكًا مثاليًا للوالدين. ونظرتها هنا: إما معاييري وما أراه صحيحًا أو ليذهب الجميع إلى الجحيم.
تتبنى صديقتها سوليفان طفلًا من بلد آخر، ولكن بعد ذلك، وبشكل غريب، تود دودي المبتذلة أن تتبنى الطفل، هذا الطفل بالتحديد، لأنها وقعت في حبه، وتعلقت به ولكن ليس لديها مال، ليس لديها خبرة أو معرفة بخلاف مجالسة هذا الطفل لفترات قصيرة. كل ما لديها من مبرر هو أن الطفل متاح، في رأيها “يبدو” الأمر كما لو أن الشيء الصحيح الذي يجب فعله هو أن تتبنى هذا الطفل. والدراما التي تخلقها تبعًا لذلك مع هذا الوضع تشبه طفلًا صغيرًا يريد جروًا لأنه لطيف جدً، دون أن يدرك ما الذي ينطوي عليه الأمر.
تذهب بعد ذلك إلى الطبيب لتأكيد حالة خصوبتها وبناء على ما أخبرها به تقدر “قدرتها على الحمل” مما يجعلها تحتفظ بتقويم للخصوبة وتنظر إليه بقلق شديد، وتقطع يومًا بعد يوم وهي تندب كيف أن وقتها ينفد.
في النهاية تقابل رجلاً (أيضًا بطريقة غبية) ولا يعرف أي منهما كيفية إقامة علاقة صحية. لا يعرف أحدهما كيف يتحدث مع الآخر. “مغازلتهم” مروعة للغاية، غير قادرون على التحدث، ولا يتواصلون بالأعين. لك ينتهي بهم الأمر في السرير في موعدهم الأول دون معرفة الكثير عن بعضهما البعض. وهذا بالطبع يسبب مشاكل في العلاقة منذ البداية.
ثم تخبرنا كيف خرج والد دودي وترك العائلة عندما كانت صغيرة مما ترك فجوة عميقة داخلها. بعد مغادرته، تكتشف دودي أنه يعيش في الحي الذي تقيم فيه مع زوجة وأطفال جدد. مع كل الدراما الصبيانية تسميه “لا أب”. وبالطبع، تلومه على الكثير من مشاكلها وقضايا عائلتها.
كل ما تفعله هذه الشخصية- علاقات عائلتها وصديقاتها، وعدم قدرتها على التواصل مع الآخرين، ورغبتها في تلبية احتياجاتها من خلال إرضاء الآخرين، وافتقارها إلى الثقة في المجالات التي يجب أن تتمتع فيها بنوع من المهارات الحياتية والثقة ، إلخ. مجرد مشاكل البيض الأمريكيين المكررة في الكثير من المسلسلات والأفلام، والأهم برامج “ربات المنزل” الواقعية، التي تبدو أنها الملهم الرئيسي للمؤلفة لا الأدب ولا الكتب ولا المكتبات- كل ذلك كان مجرد مبرر في بداية الرواية لجذب القراء لهذه الكارثة.
فوق سوء تركيب الشخصية الرئيسية، هناك مشكلة أخرى هي بنية القصة نفسها. يروي كل فصل قصة شهر مختلف، مما يعني أن الأشياء غير المتصلة تحدث غالبًا في فصل واحد (وهناك الكثير يحدث). إنه لأمر مزعج بعض الشيء أن تقرأ فقرة عن عمل دودي في المدرسة، ثم تقفز مباشرة للخروج لتناول الشاي دون أي نوع من الفاصل الواضح بينهما. يتسبب هذا بدوره في حدوث مشكلة في السرعة الغريبة، فبعض الأشياء التي تبدو وكأنها ستكون أشياء مؤثرة مهمة في حياة دودي (مثل الموت غير المتوقع لصديقها المفضل) تحصل فقط على نص من فقرتين تقريبًا، لكننا نحصل على صفحات كاملة عن الوقت الذي قضته في باريس حيث كانت تشرب الشاي المصنوع من الزهور وتأكل المعجنات الفاخرة (كأنه مفاخرة حقًا).
كل شيء غير ناضج في هذا العمل. عبارة عن ترقيع وأفكار شعبية مختلقة. ليست ممتعة للقراءة. شخصية دودي هذه ليس لها أي أهداف أو غرض حقًا. ومع ذلك، عندما تركز على شيء ما، يصبح هاجسها حتى تمل منه، ونمل منها.
تقييمنا: لا ننصح به أبدًا
الكتاب في هذه المقالة: The Lending Library by Aliza Fogelson
صدر بالعربية عن عصير الكتب بترجمة نورهان البدوي