التصنيفات
روايات

عالمنا المسكون بأشباح الكتب

عن رواية كرستوفر مورلي متجر الكتب المسكون

أنا شغوف بالمكتبات، ولا سيما محلات بيع الكتب المستعملة حيث تجد جواهر قيمة بأسعار مغرية. دائمًا ما أبحث عن كنز- طبعة أولى أو كتاب لم يعد تحت الطباعة أو حتى كتب لمطبعة توقفت عن العمل مثل إصدارات دار رادوغا السوفيتية. أحب تعقب الكتب التراثية التي غطاها الغبار ولا يبدو أن أحدًا يهتم بها. إن لم أجد ذلك، فأي كتاب كلاسيكي يستحق اقتناءه عوضًا عن الروايات الورقية التجارية. عدا عما تخرج به من هذه المكتبات، فإن الوقت الذي تقضيه هناك متجولاً بين أرفف الكتب، والمحادثات التي تنطلق مع البائع أو الزوار حول الكتب وحتى القضايا الراهنة، هو أمرٌ ثمين في حد ذاته.

إذا لم تكن زيارة متجر كتب فعلية ممكنة، فقد تكون القراءة عن محل لبيع الكتب خيارًا مناسبًا أيضًا. هناك الكثير من الخيارات في الوقت الحالي لـ “كتب عن الكتب” أو روايات حول هذا النوع من المتاجر، ولكن هذا أحد أقدم الأعمال التي صادفتها شخصيًا. كتب كريستوفر مورلي هذه الرواية الساحرة، “متجر الكتب المسكون” عام 1918.

يجب ألا ندع العنوان يخدعنا هنا فالرواية ليست من نوع روايات شيرلي جاكسون أو ستيفن كينغ بل كما يشرح بطلها روجر ميفلين، صاحب المتجر المستنير والذكي في كثير من الأحيان: “لهذا السبب أسمي هذا المكان مكتبة مسكونة. مسكونة بأشباح الكتب التي لم أقرأها. الأرواح المسكينة المزعجة، تمشي وتتجول حولي. هناك طريقة واحدة فقط لإطلاق شبح كتاب، وهي قراءته”.

يدير روجر وزوجته هيلين هذا المتجر الصغير المريح في بروكلين. عندما يدخل وكيل إعلانات شاب باسم أوبري جيلبرت إلى المتجر لطلب خدمة، وتتطور الصداقة. تبع ذلك بعد فترة وجيزة توظيف مساعد جديد في المكتبة، هي تيتانيا الجميلة والثرية. إن إضافة هذين إلى دائرة ميفلين الصغيرة تمكنه من شرح حبه للأدب، وأفكاره بشأن بائعي الكتب، وأفكاره حول شرور الحرب وعدم جدواها، ورغبته في السلام العالمي.

على الرغم من أن أوبري هو إلى حد ما بطل الرواية، إلا أنه يعترف بأنه ليس قارئًا خبيرًا، وجزء كبير من القصة يعتمد على روجر ليتأمل الكتب، سواء تجارتها أو أهميتها الاجتماعية. وفي أحد الفصول، يجتمع روجر بالعديد من بائعي الكتب الآخرين ويتحول النقاش إلى ما هي “الجودة”.

اقتباس من رواية متجر الكتب المسكون لكرستوفر مورلي. مراجعات متة

هناك لحظة لا تُنسى عندما يجلس روجر وزوجته وضيفهم بعد العشاء ويبدأ روجر بحماس في قراءة بعض القصص القصيرة من ديكنز بصوت عالٍ كوسيلة للترفيه. ولماذا لا – ماذا كانوا سيفعلون غير ذلك؟ هذا قبل سنوات من التليفزيون، وحتى البرامج الإذاعية التي لم توجد قبل عام 1920. لا بد أن القراءة كانت نشاطًا مركزيًا، ولكن من المشجع أيضًا ملاحظة أنه، بعد قرن من الزمان، في عصر تأتي فيه كل غرفة في منازلنا مجهزة بالعديد من خيارات سرد القصص الإلكترونية المختلفة، لا يزال لدينا مكتبات وبائعو كتب، ولا يؤدي تدفق المنشورات على مواقع التواصل والمسلسلات والأفلام على مواقع البث إلى قتل القراءة، حتى لو لم نعد نقرأ ديكنز بصوت عالٍ.

يمكن العثور على لغز أيضًا في هذه الرواية، عندما تختفي نسخة من أحد كتب ميفلين وتعاود الظهور عدة مرات، ويمكن حتى رؤيتها في أيدي بعض القراء غير المتوقعين. يسعد ميفلين بالطبع أن يجد أن شخصًا ما يرغب في قراءة كتاب برغبة قوية لدرجة أنه قد يسرق من أجل القيام بذلك. ومع ذلك، يشك أوبري جيلبرت في أن القصة قد تكون أكبر من ذلك. بعد أن أصبح مغرمًا بتيتانيا، شعر أنه من واجبه حمايتها بأي ثمن من أي مخاطر محتملة كامنة في زوايا المتجر. كان اللغز مثيرًا للفضول وليس كما قد يتوقع القارئ. هي رحلة ممتعة عبر أحياء بروكلين، تبلغ ذروتها في مشهد أخير مليء بالمغامرات!

الكتاب قراءة ممتعة وسلسلة. مليء بقوائم الكتب والتأملات حول القراءة والحرب والنكت الخفيفة، كلها جنبًا إلى جنب دون ما يشبه الترقيع أو التصنع. كما يتعلق قدر كبير من سحر هذا الكتاب بصوت مورلي، وهو صوت مرح وساخر بعض الشيء وقارئ خبير بشكل ملحوظ. لا أحد يفلت من عينه الناقدة أو ملاحظاته اللاذعة عن الطبيعة البشرية، ولكن مودته وحبه للكتب والبشرية جليان في هذا العمل.


تقييمنا: قراءة مسلية

التصنيف: 3 من أصل 5.

الكتاب في هذه المقالة: The Haunted Bookshop, by Christopher Morley

صدر بالعربية عن دار أثر بترجمة شوق العنزي