هل هذا أفضل كتاب كوميدي أبدًا؟

بعد أكثر من 42 عامًا منذ نشر دوجلاس آدامز كتاب The Hitchhiker’s Guide To The Galaxy تصدر الترجمة العربية من الكتاب تحت عنوان “دليل المسافر إلى المجرة”؛ مع أن الترجمة الكاملة للعنوان هي “دليل المسافر المتطفل للمجرة”. تخطف هذه الكلمة كوميدية العمل ومن المثير للاهتمام اكتشاف كيف تعامل المترجم مع العبارات الفكاهية داخل الكتاب أيضًا.

بدأ دليل المسافر المتطفل ككوميديا إذاعية على هيئة الإذاعة البريطانية عام 1978، قبل عام من نشر الكتاب الأول، ثم كتب آدامز أربع مجلدات أخرى. يعج المجتمع العلمي بالمتحمسين للسلسلة، بما في ذلك الفيزيائي الراحل ستيفن هوكينج، والذي شارك بصوته في إعادة تمثيل الرواية للراديو عام 2018. وقد سمي أول موقع للترجمة الفورية بسمكة بابل تيمنًا بالسمكة الواردة في الكتاب، وحاسوب Deep Thought الذي صُنع لمنافسة البشر في لعب الشطرنج سمي تيمنًا بالحاسوب الذي استغرق ملايين السنين ليقول في الرواية أن الجواب على الحياة والكون وكل شيء هو: 42.

منذ نشر العمل، استبدلنا المسجلات والحواسيب العملاقة بهواتف ذكية ومساعدين افتراضيين، ومع ذلك، فإن مواضيع الكتاب لم يعفو عنها الزمن. نظامنا البيئي مهدد لإفساح المزيد من الطرق للسيارات، ونستكشف العيش على كواكب أخرى، ويهدد الذكاء الاصطناعي (AI) بأن يخرج عن سيطرتنا بشكل خطير، ويكشف الكون كل يوم أنه أكثر تعقيدًا مما كنا نظن. لذلك، وبعكس الكثير من روايات الخيال العلمي القديمة، تزداد صلة رواية آدمز بواقعنا.

الأمر الآخر، ومثل جميع قصص الخيال العلمي الجيدة، يتحدث دليل آدمز عن زماننا أكثر من الحديث عن المستقبل البعيد. صحيح أنه هنالك الكثير من التكهن حول مواضيع مثل السفر عبر الفضاء وخبايا الكون، إلا أن مواضيع مثل البيروقراطية، مثلا، حاضرة بشكل يجعلنا نضحك على واقعنا حتى لو كانت تأتينا عبر كائنات Vogons، وهم جنس فضائي بليد لا يقوم بتأدية أي مهمة دون أوامر “موقعة في ثلاث نسخ، وإرسالها، وإعادتها، والاستعلام عنها، وفقدانها، والعثور عليها، وعرضها للتحقيق العام، وفقدانها مرة أخرى، ودفنها أخيرًا في الرماد لمدة ثلاثة أشهر، ليُعاد تدويرها كولاعة”.  وفي السياسة، يتهكم آدامز بأن: “أي شخص قادر على جعل نفسه رئيسًا يجب ألا يُسمح له بأي حال من الأحوال بالقيام بهذه المهمة”. أو: “رئيس الكون لا يملك سلطة حقيقية. هدفه الوحيد هو تشتيت الانتباه عن مكمن القوة الحقيقي”.

كما يسخر آدامز من التكنولوجيا، منتقدًا، مثلاً، الحاجة إلى كلمات مرور آمنة كثيرة، فيتحدث عن بإنشاء بطاقة “Ident-I-Eeze” الخيالية المصممة للاحتفاظ بها جميعًا، لتتم سرقتها فورًا هي ذاتها. الكثير من الاختراعات الأخرى تسوء بطرق مضحكة أيضًا، فالذكاء الاصطناعي في المستقبل مبرمج مع “شخصيات” واقعية، والنتيجة هي روبوتات مكتئبة وأبواب مبتهجة بشكل مزعج. وهناك راديو يتم التحكم فيه بواسطة مستشعرات متطورة لاكتشاف الحركة، والتي تجبر المستمعين على الجلوس في حالة تأهب لتجنب تغيير المحطة. قال آدامز ذات مرة: “التكنولوجيا كلمة تصف شيئًا غير قادر على الأداء بعد” قد يكون هذا السبب في أن دليل المسافر المتطفل ينص على أن من أكثر الأشياء المفيدة التي يمكن لأي شخص امتلاكها هي المنشفة.

من الممكن أن يعتقد الأشخاص الذين ليسوا على دراية بأعمال آدامز أنه نظرًا لأن هذه رواية كوميدية، فلا يمكن أن تكون كتاب خيال علمي “جاد”. لكن تألق هذه الرواية هو قدرتها على تقديم روح الدعابة الذكية أثناء طرح أفكار مثيرة حول تطور العلم، وأكثر من ذلك، نقد الواقع والمجتمع بكلمات دقيقة جدًا. لا يمكنك أن تفتح أي صفحة من هذه الرواية العظيمة دون أن تقع على جملة مثيرة للاهتمام بإسلوب آدمز الآسر والمستحيل مقاومته.

تقييمنا: اترك كل شيء واقرأه

The Hitchhiker’s Guide to the Galaxy by Douglas Adams

صدر الكتاب الأول بالعربية تحت عنوان: دليل المسافر إلى المجرة. عن دار كلمات

ترجمة: أماني لازار