“مم تخاف؟ ليس في حياتها أمر واحد يخرج عن المألوف. كلها خارج المألوف”
قصة النبذ ولذا كانت النبيذة، وهي تاج الملوك أو تاجي أو عدة أسماء أُخر حملتها برشاقة متنقلة فيما بينها خدمةً لأهدافها الأسمى المتعلقة بالمجد.. تحملها تبعًا لمكانها الجغرافي من إيران إلى بغداد وكراتشي وفرنسا وغيرها من محطات حياتها المتعددة.
وتدور الرواية حولها إلى جانب شخصيتيّ وديان الفتاة التي تصغرها بنصف العمر ، ومنصور البادي الصحفي الفلسطيني والذي مثّل فكرة الحب البعيد صعب المنال بكل تجلياته الكلاسيكية.
تناولت إنعام تاجي كمثال للمرأة الحديدية الناجحة ونموذج للصحفية المجتهدة التي استطاعت في عمر صغير أن تكوّن لها مجلتها الخاصة (الرحاب)، وأن تستطيع مقابلة أسماء سياسية ووطنية مهمة جدًا كنوري السعيد والملك الأردني عبد الله الأول وغيرهم من الأسماء اللامعة وقتها.
ورحاب فمثّلت النقيض لها في الكثير من الحالات والصفات؛ هي المرأة التي لم تستطع تكوين علاقاتها الغرامية مقارنة بتعدد علاقات تاج، بالتالي لم تكن تمتلك ما كان لدى الأولى من امتلاء بالذات وثقة نابعة من تاريخ حافل وحظوة في أماكن مختلفة من العالم وفي بلدها الأم العراق تحديدًا.
ومنصور فكان يُمثل الشتات الفلسطيني في الأرض، وهو الشخصية الوحيدة التي أحبتها تاج بصدق -رغم بعض النرجسية التي لا تخلو من شخصيتها- ولكن لم يكتمل هذا الحب، إلا في حالات لم يعد للاكتمال مكانته البهية.
تتناول الرواية تاريخ المنطقة بشكل سطحي وتاريخ العراق الحديث بشكل معمق، مارّة بذلك على أهم المحطات التي مثّلت نقاط تحول في العراق، كانتقالها من الملكية إلى الجمهورية وكالحرب العراقية الإيرانية والغزو الأميركي وغيرها من أنات العراق الكثيرة؛ الذي يدفع ثمنًا لحظوته البارزة سياسيًا وتاريخيًا واقتصاديًا في الفترات السابقة.
والثيمات فتحمل -بالطبع- تيمة النبذ من البلاد والتي يعاني منها الأبطال الثلاث، وثيمات ثانوية مختلفة كالحب، وخدعة العُمر، والرغبة، والشوق وغيرها..
عانت الرواية من بعض الهفوات في البناء الفني كالفجوات في بناء الشخوص، والقفز عن بعض الأحداث والإعراض عنها في جوانب أخرى، وطغيان في حضور شخصيات على أخرى، في حين كان يمكن استثمار وجود هكذا شخصيات ككل لتكون أكثر غنىً كعمل.
نهايةً، كانت تجربة ممتعة جدًا وملحمية وتحوي الكثير من العِبر عن معنى أن تكون أنت، وتدافع عمّا تريد، أن تكون وأن تأبى الخضوع حتى آخر سنين حياتك محافظًا قدر الإمكان على بريقك الأزلي.
تجربتي الثانية مع إنعام التي لم تخيب ظني مرةً والتي أثق بكل ما ستقدمه هذه الكاتبة الرقيقة والواثقة.
تقييمنا: ينصح بها

كتبها: ورد خبيّة
في هذه المقالة كتاب: النبيذة، إنعام كجه جي دار الجديد